top of page

لا أحَقَّ بوصف المبدع غير الله

  • Writer: almirabi
    almirabi
  • Dec 14, 2015
  • 2 min read


الإبداعُ، هو: الإتيانُ بشيءٍ من غيرِ مثالٍ سَبَق. والله- تعالى- يصف نفسه بـ"بديع السموات والأرض"، أي: مُنشئ الكون دون مثال. و(بديع): فعيل للمبالغة، وهو خبر مبتدأ محذوف.

كُلُّ ما نقوم به نحن البشر، ونسميه إبداعاً، هو في الأصل مبنيٌّ على مثالٍ سابق، ولذا لا يُعَدُّ إبداعاً.

إن أجمل تصميمٍ تم صنعه على وجه الأرض- بواسطة الإنسان- لا يخرج عن كونِه تقليداً لأمثلةٍ سابقةٍ أوجَدَها اللهُ- تعالى- في الطبيعة، وقد تأتي على هيئةِ أشكالٍ نباتية، أو هندسية، أو حيوانية، أو غيرها من أشكال المخلوقات غير المحدودة التي أبدعها اللهُ جَلّ شأنه. فلو أخذنا، على سبيل المثال، المراكب التي صَنَعَها الإنسانُ، كالطائرات والسيارات والسفن الفضائية، لوجدناها مجرد تقليدٍ لما خلقه اللهُ- تعالى- من إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ وحشراتٍ ودواب، بل إن أجزاءها (أي أجزاء ما صنعه الإنسان) مُصَمّمَةٌ على النحو الذي خلق اللهُ عليه أعضاء الإنسان والحيوان والطير، فهي تستخدم أنواع الوقود، بمثابةِ أنواع الطعام الذي يتناوله الإنسان والحيوان وبقية الكائنات الحية لتوليد الطاقة ثم إحراقها لتوفير القدرة على الحركة، وكذلك تستخدم الماء للتبريد- تماماً كالإنسان والحيوان- كما تستخدم الزيوت والشحوم لمقاومة احتكاك مواضع المفاصل- كما هو عند الإنسان أيضاً- وثمة ما يشبه القلب للضخ، والرئة، للتنفس، وحتى العادم هو نفسه كعملية الإخراج عند الإنسان والحيوان.

كذلك الكمبيوتر لا يُعدُّ إبداعاً، بل هو تقليدٌ لجزءٍ يسيرٍ من خلقِ اللهِ دماغَ الإنسان، وكذا الهاتف، والراديو، والفيديو، وكافة الوسائل التكنولوجية، نجد أن تركيبها الفيزيائي وغير الفيزيائي هو من صُنعِ اللهِ وإبداعه، وما على الإنسان إلا تجميع عناصرها فحسب.

نلاحظ أن خلقَ اللهِ تامٌ كاملٌ لا نقص فيه، ولا يحتاج إلى تطوير ولا تعديل؛ لتحسين أدائه، في حين نلحظ أن ما يصنعه الإنسان يعتريه النقص، ولذا يكون بحاجةِ التطوير إلى الأحسن مع مرور الأزمان؛ لتحسين أدائه، ولنا أن نضرب مثلاً بالإنسان نفسه، حيث خلقَ اللهُ آدمَ- عليه السلام- بما عليه من أجهزة وأعضاء، وما عليه نسله من البشر منذ ملايين السنين، لم يتغير فيه عضوٌ واحد، ولم ولن يحتاج إلى تطوير أو تعديل حتى لو استمر الخلق على الأرض مليارات في مليارات من السنين، بينما ما صَنَعَهُ الإنسانُ قبل مئة عام فقط، لم يَعُدْ اليوم صالحاً دون أن نقوم بتطويره وتعديله، فنحن دائماً ما نستبدل قطعة بأخرى تكون أفضل أداءً، بينما اللهُ- جَلّ شأنه- ليس بحاجة لأن يستبدل جزءاً بآخر، وقد أتقن كل شيء صنعه.

ليس بوسع الإنسان أن يبدعَ شيئاً حتى لو كان مجرد خيال، فمثلاً: لو طلبنا من أيِّ عالِمٍ أو مهندسٍ أو فنانٍ أو غيرهم، أن يصنعَ لنا شكلَ مخلوقٍ ما؛ فإنه لا يستطيع أن يأتِيَ بشيءٍ من خيالهِ ما لم يكن مبنياً على مثالٍ من صُنْعِ الله، بل لا يستطيع أن يتخيلَ شكلَ حشرةٍ، أو حتى فيروس، ما لم يرجع إلى مثالٍ من خَلْقِ الله ليقوم بتقليده.

قالَ اللهُ تبارك وتعالى: "ويخلقُ ما لا تعلمون". السؤال: هل يستطيع أحدٌ مِنّا أن يتخيلَ شيئاً من خلقِ الله الذي لا نعلمه بعد- كما ورد في الآية الكريمة- ولو مجرد تخيل، وليس إبداعاً؟ كلا وألف كلا!


صحيفة الشرق. 20 ذو القعدة 1434هـ، الموافق 26 سبتمبر 2013م.



 
 
 

Comments


  • العناوين
bottom of page