الرُّوحُ لا تزهق
- almirabi
- Dec 11, 2015
- 1 min read
يتحدث بعضنا عن "الروح" وكأنها "النفس"، مع أنه لا يوجد أيُّ تطابُقٍ، أو حتى تشابُهٍ بينهما على الإطلاق. فنحن نسمع كثيراً عبارة (زهقت روحه) بينما الروحُ لا تزهق، وإنما النفسُ هي التي تزهق؛ فاللهُ تعالى يقول: "وَتَزْهَقَ أنْفُسُهُمْ" أي تخرج، ولم يقل (وتَزْهَقَ أرواحهم)، ولا توجد آيَة واحدة في القرآنِ العظيمِ كلِّهِ، يذكرُ اللهُ فيها أن الروحَ تزهق.
كما نسمع أقوالاً- أخرى- لا تليق بالروح، مثل: عَذَّبَ روحه، أتعب روحه، أهلك روحه، ضاقت روحه.. وهذا خطأ كبير، فالروحُ لا تُعَذّب ولا تشقى ولا تهلك ولا تَفْجُر ولا تُسَوِّل ولا تضيق.. وإنما هذه من صفات النفس، وليس للروح صلة بها؛ ويدل على ذلك، قول الله تعالى: "وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أنْفُسُهُمْ". "بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ". "فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ". "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَألْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا". "وَمَا أصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ".. وغيرُها من الآيات البيِّنات التي تنسب مثل هذه الصفات إلى نفس الإنسان، لا إلى روحه.
الروحُ: تُنسَبُ دائماً إلى الله تعالى؛ فلا يكون من صفاتها السوء والفجور والهلاك.. بينما النفسُ: تنسب دائماً إلى الإنسان؛ لذلك هي تهلك وتشقى، وتعشق وتهوى.. لكن لماذا نتطاول على الروح؛ فننعتها بما يسيء إليها، حتى بات بعضنا ينسبها إلى الخمر؟، فيقول عنه: (مشروباً روحياً)، أو قولهم: (الموسيقى غذاء الروح) ولو قالوا (غذاء النفس) لكان أهون.. ولا يَقِلُّ هذا عن الزج بكلمة الروح في وصف العشق والغرام، كقول أحدُهم لمعشوقته: (كعبك داس على روحي يا بعد روحي)، أو قول أحدهم لآخر في تحقير للروح: (تعست روحك.. بئس الروح روحك.. دنيئة هي روحك). وغيرها من الإساءات لمكانة الروح عند الله تعالى. وقد كتب في هذا الدكتور مصطفى محمود- يرحمه الله- كتابة غاية في الروعة. (راجع المقال الأصلي)
"الشرق" 23 رجب 1434هـ، الموافق 2 يونيو 2013م.
Komentáře